الموت حق والحياة بدونه
ما عاد فيها طيب يرضيني
أحيا قلوب العاشقين بحرفه
حتى وجدت جماله بجبيني
فالعزف من قلم الفقيد كأنه
لحن السماء أتى لكي يشجيني
يا سعد من ذاق المنية جاءه
من عاطف بوح يزيد حنيني
أصبحت أشتاق الوفاة لأنني
ألقى هناك أحبة تحييني
مالي أرى كل القصائد يُتِمت
والبوح موقوف عليه شجوني
من أين يأتي الفرح بعدك عاطف
والقلب آل لكل ما يشقيني
ما عدت أدري أين كنت ومن أنا
في بعد طرفك شحَّ فرح سنيني
حتى وإن وارى التراب عيونه
سيظل دوما هاهنا بعيوني
رقصت حروف الضاد رقصة نائحٍ
وتعاهدت ألا تزيد أنيني
لكنها نكثت وقالت أنها
للشعر صارت أحرفَ التأبينِ
وجهت وجهي للإله دعوته
ورجوته في السر أن يرضيني
بالعفو عمن كان ينظم أحرفا
أحيت قلوبا سعدها يكفيني
الموت غيَّبه ولكن ما خبا
حرفٌ له، بوحٌ يزيد يقيني
أن الفقيد هناك لكن هاهنا
باقٍ بقلبي أو بملءِ جفوني
طوبى لمن كان الفقيدُ رفيقه
نال الوصال وزاره من دوني
ما حيلتي والفقدُ أرَّق مهجتي
والوجه أصبح شاحبا دلُّوني
لكنني عُزِّيتُ أن بقيت لنا
منه القوافي حسَّنت تكويني
عزفٌ يُشنِّف ذا الأصمَّ وقد يرى
منه الكفيفُ النورَ بعد سنينِ
لو قال قام الشعرُ يخطبُ وُدَّه
لو غاب كان البوحُ منه مُعيني
طافَ الأحبةُ حول قبرٍ ضمَّه
ساقَ الأحبةَ أحرفُ المسكينِ
يرجون لو باتوا قرابة حبِّهِم
يروون تربته بدمعِ عيونِ
يا ويح شعري كيف أرثي شاعرا
من فقده لُغتي أنا ترثيني
لو ما بقيتُ العمرَ أذكر فضله
ما كان عمري في الدُّنا يكفيني
أقضي نهاري في ضيافة بوحه
والنومُ يحلو لو يزور عريني
البينُ صعب والقوافي لو تعي
حجمَ المصاب لواصلت تأبيني
وأقامت العمرَ المديد حدادَها
بُعدُ ابن عاشور الذي يُؤذيني


0 التعليقات

