الفقر ابن الظلم : الشاعر محمد طلعت
ــــــــــــــــــــــــ
الفقرُ شـرُّ مصـائـب الإنســان ِ
..................... يكسو حياةَ الناس بالأحزانِ
ذئبُ المكارمِ والفضائلِ والتقى
......................والحبِ والإخلاصِ والإحسان ِ
بئرُ المصائبِ والتعاسة والجوى
.....................…. والحقدِ والإجرام والشنآن ِ
***********************
في بـيتـه ِ يتقاتل الأخَــوَان ِ
....................……. والأمهاتُ يضقن بالولدان ِ
والوالدُ المسكين يفني عمرَه
......................…… كدًّا لقتل الجوع بالصبيان ِ
وترى الصحاب لأجل دينار بدَا
........................... يتصارعون تصارعَ الثيران ِ
فالكل يسعى للهروب من الذي
.......................……. إيلامهُ كحرارة النيران ِ
************************
في ظلـه يجد الأبيُّ حياتَــه
........................…. سجنًا كئيبا راسخ الجدران ِ
يهوى المماتَ ليستريح من الشقا
......................... .. ويقول إن القبرَ خيرُ مكان ِ
كم غادةٍ حسناءَ باعتْ نفسها
......................….. لمَّا كواها الفقر بالحرمان ِ
الجوع عذّبها وأنْحَلَ جسمَها
...................…. والعُرْيُ سلمها إلى العصيان ِ
يلهو اللئامُ بجسمها وكأنها
.....................…. ظبْيٌ هوى في قبضة الذؤبان ِ
لو أنها ذاقت أقَـل حقوقَـها
......................… ما استسلمتْ لمصايد الشيطان ِ
*********************
كم عالمٍ أفنى الليالي جامعا
........................ للعلم كي يرقى إلى الرضوان ِ
باع الضمير لحاكم ٍمستكبرٍ
........................... متأوِّلا ما ليس في القرآن ِ
قد صار ذيلا للطغاة وتابعًـا
..................…… لمَّا كساه الفقر بالإذعان ِ
لو أنه قطف الحقوق بعزةٍ
.............…. ما كان سوطـًا في يد الطغيان ِ
***********************
كم شاعر ملأ البيانُ لسانَه ُ
...............……. كلماتُه ُ حُجبتْ عن الآذان ِ
قد أودعوا سجنَ الخمولِ قريضَه
.....................….والفقر للإنسان كالسجّان ِ
قد عاش يسبح في العذاب وفي الأسي
.......................... وتكـفَّـنََ الإبداعُ بالنـسيـان ِ
*********************
كم من ذكيّ صار لصـًّـا مجرمـًـا
.............…..... لمَّا رأى ظلمًـا بكل مكان ِ
أكلَ المذلةَ والشقاءَ بفقره ِ
............…… والظلمُ قد غذّاه بالأضغان ِ
فغدَا كحُوتٍ جائعٍ لما رأى
.............…… أنَّ النعيمَ لـِـزُمرةِ الحيتان ِ
**********************
كم من مريضٍ عاش في أوجاعه ِ
..............…….. أنّاتـه تجري بغير عنان ِ
ودواؤه يدعوه أقبلْ مُسرعًـا
................……. إني خُلقتُ لراحة الأبدان ِ
فيجيبه شوقي إليك محرّق ٌ
...................… يحتل كل جوارحي وكياني
لكنني بالفقر صـرتُ مقيّدا
...................…….. أرنو إليكَ بلهفةٍ وحنان ِ
إني كأصحاب الحسين بكربلا
....................… ظمئوا بنهر ٍ دائم الجريان ِ
*******************
وشباب قوم ٍ لم يذوقوا لذةً
.................……. للعيش مثل بقيَّـةِ الشبَّان ِ
جمعوا العلوم مثابرين تطلُّـعًـا
...................…… لمعيشةٍ بكرامةٍ وأمان ِ
وجدوا الأماني َّ الحسانَ تبخّرتْ
..................… حظ ُّ الفقير معيشةٌ بهوان ِ
يئسوا من العيش الكريم فسارعوا
.................… للموت بعد الضَيْم والخذلان ِ
******************
ما للفقير كرامةٌ في دولةٍ
..............…….. الظلمُ فيها راسخُ البنيان ِ
بالظلم يزداد الفقير توجُّـعـًـا
.................… وتعيش فيه مخالبُ الأشجان ِ
محمد طلعت (2013 )